FPN
تشهد محافظة السويداء تطورات ميدانية وإنسانية متسارعة وخطيرة، مع استمرار انقطاع الكهرباء والاتصالات لليوم الخامس على التوالي، وتصاعد العمليات العسكرية، وتحركات لمجموعات مسلحة من جهة البادية وريف درعا، ما أسفر عن موجات نزوح كبيرة وانهيار شبه تام للبنى التحتية والخدمات الصحية، وسط تحذيرات أممية ومطالبات محلية بإعلان السويداء منطقة منكوبة.
تحركات مسلحة وتوغل من عدة محاور
شهدت المحافظة تحركات عسكرية متزامنة لعناصر مسلحة قادمة من البادية السورية وريف درعا، حيث تجمعت أرتال قرب قرية بارك شمال شرقي السويداء، وهي منطقة انتقل إليها مئات النازحين خلال الأيام الماضية باعتبارها آمنة. وتوغلت مجموعات مسلحة عصر الجمعة في بعض القرى بريف السويداء الشمالي والغربي، بعد دخولها من محورين رئيسيين: الأول من قرية الصورة الكبيرة على طريق دمشق-السويداء، وهو طريق مغلق منذ خمسة أيام، والثاني من بلدة الثعلة في الريف الغربي، مستخدمة سيارات دفع رباعي ودراجات نارية، ومدعومة بتسهيلات أمنية عبر الحواجز الحكومية.
المجموعات المسلحة نفذت قصفًا بقذائف الهاون، وأضرمت النيران فيما تبقى من منازل في القرى المنكوبة نتيجة العمليات العسكرية الأخيرة، فيما اندلعت اشتباكات محدودة في بعض المواقع. وشوهدت سيارات مزودة برشاشات وأخرى تحمل مسلحين في محاور مختلفة، بينما تحدثت مصادر إعلامية عن تحليق طائرات مسيرة إسرائيلية في أجواء المنطقة الجنوبية.
أوضاع الإنسانية منهارة ونزوح واسع النطاق
محافظة السويداء تعيش كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع انعدام الكهرباء والماء والغذاء والدواء، وخروج مشفى السويداء الوطني عن الخدمة، تلاه توقف مشفى المزرعة الخاص. وقد أدى استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات إلى شح حاد في المواد الغذائية، وانعدام حليب الأطفال، وتفاقم المعاناة لدى آلاف الأسر المحاصَرة.
في السياق، أكدت مطرانية بصرى حوران وجبل العرب للروم الأرثوذكس أن نحو 300 ألف عائلة تواجه “كارثة حقيقية”، مشددة على أن “لا كهرباء، لا ماء، لا دواء، لا غذاء”، وطالبت بفتح المعابر الإنسانية فورًا. وأشارت مصادر إلى أن الحكومة الانتقالية تمنع دخول المساعدات، لكنها تسهّل مرور المسلحين الذين يرتكبون مجازر في القرى ويشنون هجمات دامية.
كما سجلت المحافظة موجات نزوح واسعة؛ إذ فر أكثر من 80 ألف عائلة من السويداء وقرى محيطة بها نحو الحدود الأردنية وريف درعا الشرقي، إضافة إلى نزوح مئات العائلات من العشائر العربية نحو درعا.
تحذير من تصاعد الخطر
دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى “إجراء تحقيقات مستقلة وشفافة وسريعة” في أعمال العنف التي أدت إلى مقتل نحو 600 شخص، مطالبًا بمحاسبة المتورطين وحماية المدنيين ووقف نزيف الدم السوري.
من جهة أخرى، نفت وزارة الداخلية السورية انتشار قوات حكومية في السويداء، بينما حمّلت الرئاسة السورية الفصائل المحلية المسؤولية عن خرق وقف إطلاق النار، ووصفتها بـ”الخارجة عن القانون”. في المقابل، اتهمت مصادر محلية جهات أمنية بالتسهيل لتحركات المسلحين، في وقت دعت فيه العشائر العربية السورية أبناءها في كل المحافظات إلى “النفير العام” والتوجه إلى السويداء “لإنقاذ أهلهم من المجازر والتطهير العرقي”، مع التشديد على عدم الاعتداء على الأبرياء.
السويداء باتت اليوم على شفا كارثة كبرى، مع تزايد الانتهاكات، وانهيار الخدمات، واستمرار التهجير، في ظل غياب أي حلول سياسية أو ميدانية توقف شلال الدم. الدعوات تتصاعد لإعلان السويداء منطقة منكوبة، وسط استمرار التضليل والتعتيم الإعلامي وضعف شبكات الاتصال، وتنامي الخوف من انفجار الصراع إلى مستوى أوسع يشمل المنطقة الجنوبية بأكملها.
