FPN – نور سليمان
أعلن البيت الأبيض عن تمديد حالة “الطوارئ الوطنية” المفروضة على سوريا لمدة عام إضافي، في ظل استمرار ما وصفته الإدارة الأميركية بـ”التهديدات غير العادية والاستثنائية” التي تمثلها سياسات الحكومة السورية للأمن القومي الأميركي، ولسياسات واشنطن الخارجية واقتصادها.
التمديد جاء بموجب إشعار رسمي نُشر في السجل الفيدرالي، حيث أخطر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الكونغرس بقراره إبقاء حالة الطوارئ سارية بعد تاريخ انتهائها المحدد في 11 أيار 2025، مستنداً إلى الأمر التنفيذي رقم 13338 الصادر عام 2004، وذلك بموجب “قانون الطوارئ الوطنية” الأميركي.
جذور القرار وتراكم الأسباب
تعود حالة الطوارئ الأميركية بشأن سوريا إلى عام 2004، حين فرضتها إدارة الرئيس جورج بوش الابن، بموجب “قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان”، إلى جانب “قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية”، واستند القرار حينها إلى اتهامات وجهت للنظام السوري بدعم الإرهاب، واحتلال لبنان، والسعي إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، وعرقلة الجهود الأميركية والدولية في العراق.
في أحدث مبررات التمديد، اعتبر الرئيس ترامب أن “الضعف الهيكلي في الحكم داخل سوريا، واستمرار استخدام الأسلحة الكيميائية، وعدم القدرة على ضبط التنظيمات الإرهابية”، كلها عوامل تُبقي على التهديدات التي تبرر استمرار العمل بحالة الطوارئ.
البيت الأبيض: السياسات السورية لا تزال تشكل خطراً
شدد البيت الأبيض في بيانه على أن قرار التمديد سيظل خاضعاً للمراجعة السنوية، تبعاً لسلوك وسياسات الحكومة السورية. وذكر أن “إجراءات النظام، بما في ذلك القمع الوحشي للشعب السوري، ودعمه للمنظمات الإرهابية، تشكل تهديداً مستمراً للاستقرار في المنطقة ولسياسات الولايات المتحدة الخارجية”.
البيان أشار إلى أن “الاستمرار في هذه الحالة القانونية يعكس موقفاً واضحاً تجاه النظام السوري وسجله في انتهاكات حقوق الإنسان، واستخدامه للأسلحة المحظورة دولياً”، مؤكداً أن هذه السياسات لا تزال تقوّض الأمن والسلم الإقليميين.
تمديدات سابقة وإدانات متكررة
في تشرين الأول 2024، مدّد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، حالة الطوارئ المرتبطة بسوريا، مؤكداً أن الوضع هناك لا يزال يشكل “تهديداً استثنائياً” للولايات المتحدة. كما أعاد التمديد في أيار من العام نفسه، مستشهداً باستمرار السياسات القمعية للنظام، وامتلاك أسلحة دمار شامل، ودعم جماعات مسلحة تهدد أمن المنطقة.
حينها، أوضح البيت الأبيض أن القرار جاء رداً على “وحشية النظام وقمعه للمطالب الشعبية بالحرية”، إلى جانب تقويضه للجهود الدولية في الاستقرار والإعمار.
تعليق قانوني وتحليل سياسي
الباحث في العلاقات الدولية والمختص في القانون، المعتصم الكيلاني، علّق على قرار التمديد قائلاً: “في تحليلي لقرار استمرار حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بأفعال الحكومة السورية السابقة، والتي ارتأت الإدارة الأميركية أن تشمل تداعياتها أيضاً الحكومة الحالية، أرى أن هذا القرار يتجاوز كونه إجراءً روتينياً. فهو يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية عميقة تعكس موقفاً استراتيجياً طويل الأمد تجاه الملف السوري.
أولاً، استمرار حالة الطوارئ يعني فعلياً بقاء العقوبات الأميركية المفروضة على كيانات وشخصيات مرتبطة بالنظام السوري السابق، مع إمكانية مفتوحة لامتداد نطاقها لتشمل أطرافاً فاعلة في ظل الإدارة السورية الجديدة، أو أن تقتصر فقط على الكيانات السابقة. وهذا يضعف فرص التعافي الاقتصادي، ويعقّد أي جهود جدية لإعادة الإعمار أو فتح أبواب الاستثمار الخارجي. فالرسالة الأميركية واضحة: لا رفع للعقوبات دون تغيير جوهري في البنية السياسية والأمنية.
ثانياً، يمنح القرار الإدارة الأميركية صلاحية قانونية مرنة لتعديل أو توسيع العقوبات حسب المستجدات، دون الحاجة إلى العودة للكونغرس. وهذا يعني أن حالة الطوارئ باتت تمثل أداة ضغط متجددة بيد واشنطن، تستخدمها وفقاً لمصالحها الاستراتيجية، ما يجعل من القرار ورقة دائمة في موازين التفاوض والسياسات الدولية تجاه سوريا.”
الكيلاني أضاف: “الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع إلغاء التمديد وآثاره بأي لحظة تصل فيه لاتفاق مع الحكومة السورية الانتقالية”.

