FPN – رؤى النايف
اختتمت مساء اليوم فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه حكومة تسيير الأعمال بقيادة أحمد الشرع، وأصدر المشاركون بياناً ختامياً بعد ورشات عمل استمرت لعدة ساعات بتغطية إعلامية محدودة.
انطلقت أعمال المؤتمر الذي عُقد في قصر الشعب بدمشق، وسط مساعي السلطات الجديدة لإدارة المرحلة الانتقالية بعد الإطاحة ببشار الأسد، وفي كلمته الافتتاحية، شدد الشرع على ضرورة عدم تحول سوريا إلى “حقل تجارب لتحقيق أحلام سياسية غير مناسبة”، مؤكدًا على وحدة سوريا ووحدة السلاح، الذي يجب أن يكون بيد الدولة فقط. كما رفض الشرع استيراد أنظمة سياسية لا تتلاءم مع الوضع السوري.
مخرجات المؤتمر
دعا البيان الختامي للمؤتم إلى الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، ورفض أي محاولات للتقسيم أو التنازل عن أي جزء من أراضيها، وإدانة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية والمطالبة بانسحاب إسرائيل الفوري وغير المشروط.
كما أكد البيان على حصر السلاح بيد الدولة، والعمل على بناء جيش وطني احترافي، وتصنيف أي تشكيلات مسلحة خارج المؤسسات الرسمية على أنها جماعات خارجة عن القانون، بالإضافة إلى الإسراع بإعلان دستور مؤقت يتناسب مع متطلبات المرحلة الانتقالية، لسد الفراغ الدستوري وتسريع استقرار الدولة، وتشكيل مجلس تشريعي مؤقت يضطلع بالمهام التشريعية وفق معايير الكفاءة والتمثيل العادل، وإعداد مسودة دستور دائم يرسّخ العدالة والحرية والمساواة، ويضمن التوازن بين السلطات.
كذلك دعا البيان الختامي إلى تعزيز الحريات العامة، وضمان حرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الإنسان، وتمكين المرأة ودعم حقوق الطفل وذوي الاحتياجات الخاصة، وتعزيز دور الشباب في بناء الدولة والمجتمع، فضلاً عن ترسيخ مبدأ المواطنة ونبذ جميع أشكال التمييز العرقي أو الديني، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بعيدًا عن المحاصصة الطائفية أو العرقية.
وتطرق البيان إلى تحقيق العدالة الانتقالية من خلال محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وإصلاح النظام القضائي، وتعزيز التعايش السلمي ورفض العنف والتحريض والانتقام، لتحقيق السلم الأهلي والاستقرار المجتمعي.
كما تمت الإشارة إلى إصلاح المؤسسات الحكومية، واعتماد التحول الرقمي لمكافحة الفساد وتحسين كفاءة العمل الإداري، وتحقيق التنمية الاقتصادية عبر تطوير قطاعات الزراعة والصناعة والاستثمار، ودعا المشاركون إلى رفع العقوبات الدولية عن سوريا، كونها أصبحت عبئاً مباشراً على الشعب السوري.
بالإضافة إلى ذلك شدد البيان على أهمية إصلاح النظام التعليمي، وضمان جودته، والتركيز على التعليم المهني لخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز ثقافة الحوار الوطني عبر استمرار اللقاءات الحوارية على مختلف المستويات، وضمان الشفافية في المداولات.
هذا وأكد البيان على أن مخرجات الحوار تمثل خارطة طريق لمستقبل سوريا، مع ضرورة متابعة تنفيذها لضمان استقرار البلاد وتحقيق التغيير المطلوب، كما شدد على أهمية استمرار الحوار بين جميع مكونات المجتمع السوري لضمان تحقيق المصالحة الوطنية وتجاوز التحديات التي تواجه المرحلة الانتقالية.
انتقادات لآلية تنظيم المؤتمر
على الرغم من أن المؤتمر يُفترض أن يكون خطوة نحو حل المشكلات المستعصية والتمهيد لإعادة بناء سوريا جديدة في مرحلة ما بعد الأسد، إلا أن تساؤلات كثيرة أثيرت حول مدى قدرته على تحقيق تغيير حقيقي يلبّي تطلعات السوريين، إذ واجه المؤتمر انتقادات حادة تتعلق بآلية تنظيمه ومدة انعقاده القصيرة، فقد وُصفت الجلسات بأنها سريعة وفوضوية، كما أُقيم المؤتمر بطريقة “غير مسؤولة”، حيث لم تُرسل الدعوات للمشاركين إلا قبل أقل من 48 ساعة من موعد انعقاده. وأدى ذلك إلى إحباط بعض المدعوين ودفع بعضهم للاعتذار عن الحضور. كما شملت قائمة المدعوين شخصيات مقيمة في أوروبا والولايات المتحدة، ما أثار تساؤلات حول مدى جدية المؤتمر وفاعليته.
شهد ذلك تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تباينت الآراء بين مؤيد، ومعارض، وساخر، كما اعتذرت بعض الشخصيات عن المشاركة، مثل الدبلوماسي السابق جهاد مقدسي، الذي أوضح في منشور على “فيسبوك” أنه تلقى الدعوة قبل يوم واحد فقط من المؤتمر، لكنه اعتذر بسبب صعوبة الوصول السريع من واشنطن إلى دمشق، إلى جانب التزامات أخرى.
استبعاد الأكراد من المؤتمر
وجه المجلس الوطني الكردي انتقادات حادة لآلية انعقاد المؤتمر، معتبراً أنها تشكل انتهاكاً لمبدأ الشراكة الوطنية، وشدد على ضرورة أن يكون الحوار الوطني شاملاً لجميع مكونات الشعب السوري. وأكد المجلس أن أي مؤتمر وطني يجب أن يعكس تعددية المجتمع السوري.
كما أكدت المسؤولة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، وكذلك المتحدث باسم “قوات سوريا الديمقراطية (قسد) فرهاد شامي، أن أي جهة كردية رسمية لم تُدعَ للمؤتمر، وذلك رغم تصريحات قائد “قسد” مظلوم عبدي قبل أيام، التي هنّأ فيها أحمد الشرع بتوليه رئاسة البلاد، وأكد التزام قواته بإخراج جميع المقاتلين غير السوريين من صفوفها، سعياً لتشكيل جيش وطني موحد.
