FPN – نور سليمان
تعاني المناطق والأرياف المنكوبة في الساحل السوري من ظروف معيشية كارثية بعد الأحداث الدموية التي شهدتها مؤخراً. عمليات القتل العشوائي والمجازر المروعة ترافقت مع حملات نهب وحرق ممنهجة استهدفت المحلات التجارية والصيدليات، ولم تسلم منها حتى بعض المشافي والعيادات الخاصة.
لم تقتصر الأحداث على الاشتباكات بين قوات الأمن التابعة والمجموعات رديفة لها، ومسلحين يوصفون بـ “فلول النظام”، بل امتدت لتشمل أعمالاً انتقامية على خلفية طائفية ضد المدنيين من الطائفة العلوية.
انهيار في البنية التحتية والخدمات الأساسية
يعيش الأهالي في بعض مناطق الساحل السوري “كارثة إنسانية” نتيجة انهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية، الذي أدى إلى أزمة خانقة في المياه والكهرباء والغذاء. إذ تعاني معظم المناطق من انقطاع تام للخدمات، ما يزيد من صعوبة الحياة اليومية.
كما أدى التوتر الأمني المستمر، الناتج عن “المجازر” بحق المدنيين إلى توقف الأفران عن العمل، ما أسهم في تفاقم أزمة الحصول على الخبز، وبالإضافة إلى ذلك، بات التنقل بين القرى والمدن محفوفاً بالمخاطر، حيث يتعرّض المدنيون لمخاطر جسيمة أثناء محاولتهم تأمين احتياجاتهم الأساسية شبه المنقطعة، ما جعل الحصول على الغذاء والدواء شبه مستحيل.
عائلات مشرّدة وناجون بلا مأوى
نتيجةً للدمار والخوف من استمرار المجازر، لجأت أعداد كبيرة من أهالي الأرياف إلى الأحراش، حيث يعيشون منذ أيام في ظروف مأساوية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ومع تواصل عمليات التصفية والقتل في أماكن نائية، يزداد عدد المفقودين، فيما تُكتشف الجثث تباعاً على الأسطح وفي الأقبية والأحراش والشوارع.
كتبت عفراء بهلولي عبر حسابها على الفيسبوك: ” بين اهربوا على البرية ورجعوا على بيوتكم، كتير من العجز على أنه الواحد ياخد قرار ويكون برقبته خطية الناس بحال اتكرر أي مشهد من اللي هربوا معناها هنن مطلوبين وهنن هدف أو يصير فينا متل ناس قالولن ارجعوا عليكم الأمان واتصفوا.. مشلولين ناخد أي قرار”
مبادرات فردية: جهود أهلية لإنقاذ المنكوبين
تشهد المنطقة غياباً شبه تام لفرق الإغاثة، حيث يواجه الناجون خطر الموت جوعاً وعوزاً، بينما تبقى المبادرات الخيرية القائمة غير كافية لتغطية احتياجات الأعداد الضخمة من المتضررين.
رغم غياب الدعم الرسمي الكافي، وفي ظل الكارثة الإنسانية التي تعيشها مناطق بانياس وطرطوس واللاذقية نتيجة الأحداث الدموية الأخيرة، تتكاتف جهود فردية ومنظماتية لإيصال المساعدات إلى المتضررين الذين يواجهون أوضاعاً مأساوية بسبب نقص الغذاء والمياه وانعدام الخدمات الأساسية.
برزت العديد من المبادرات الفردية التي يقودها متطوعون محليون لتقديم المساعدات الضرورية، مع التركيز على المواد الغذائية الأساسية (خبز، مياه) وتأمين الأدوية، وإيصال الدعم إلى المناطق الأكثر تضرراً.
مخاوف مستمرة
أعلنت السلطات الأمنية قبل أيام عن إلقاء القبض على 4 متهمين بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين بشكل غير قانوني ودموي في إحدى قرى الساحل، وتم تحويلهم للقضاء العسكري المختص، ونشرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) صورة تظهر المتهمين بعد إلقاء القبض عليهم، بجانب لقطة أخرى من مقطع مصور يوثق قيامهم بانتهاكات في منطقة الساحل.
كذلك، تعهّد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، في خطاب مصوّر بمحاسبة “كل من يتجاوز على المدنيين العزّل”، مشدداً على أن أهالي الساحل السوري جزء من مسؤولية الدولة، ومؤكداً أن الدولة “ستبقى ضامنة للسلم الأهلي ولن تسمح بالمساس به”.
رغم هذا ما زالت المخاوف تمنع الكثيرين من العودة إلى منازلهم، خصوصاً مع استمرار التحريض الطائفي وإنكار المجازر من قبل بعض الجهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
