FPN – نوار الخطيب
شهد الملف السوري تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، تعكس تحولات بارزة في المواقف الإقليمية والدولية تجاه الأزمة المستمرة، ومع هذه التحولات السياسية، تظل التحديات الإنسانية التي يواجهها اللاجئون السوريون في الدول المجاورة أحد أبرز القضايا التي تحتاج إلى حل عاجل.
تغير موقف أردوغان
لطالما عبّر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن دعمه للمعارضة السورية، السياسية منها والمسلحة، حيث نادى بإسقاط نظام الأسد ودعم التدخل الدولي ضده، لكن في السنوات الأخيرة، تحوّل الموقف التركي بشكل ملحوظ.
بدأ أردوغان بتبنّي سياسة أكثر تقاربًا مع النظام السوري، مدفوعاً بما يسمّيه تأمين الحدود التركية من “التهديدات الكردية”، وربما محاولة تحقيق مصالح اقتصادية في سوريا في مرحلة إعادة الإعمار، لكن، هذا التحوّل ومحاولات أنقرة تحقيق توازن بين مصالحها الأمنية والإستراتيجية قد يؤثر على علاقتها مع حلفائها الغربيين.
زيارة الأسد الأخيرة إلى موسكو
لا شكّ أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى موسكو مؤخراً علامة بارزة على استمرار العلاقة الوثيقة بين سوريا وروسيا، وأكد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على التعاون الاستراتيجي بين البلدين. هذا الدعم الروسي كان حاسمًا في بقاء نظام الأسد، ويظهر التزام روسيا بالحفاظ على نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
من الجانب السوري، تعكس الزيارة حرص الأسد على تعزيز العلاقات مع موسكو والحصول على الدعم الضروري لمواجهة التحديات الداخلية والضغوطات الخارجية في المرحلة القادمة.
تغير موقف بعض الدول الأوروبية
في ظل التغيرات الإقليمية، بدأت بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها إيطاليا، بإعادة تقييم موقفها، فعلى الرغم من أن إيطاليا كانت في البداية حذرة من التعامل مع دمشق، إلا أنها بدأت تظهر اهتماماً أكبر بالحوار مع النظام السوري.
التغير في الموقف الإيطالي يمكن أن يُعزى إلى القضايا الإنسانية، بما في ذلك الحاجة لمعالجة أزمة اللاجئين، وتخفيف التوترات المرتبطة بالهجرة. ربما تأمل إيطاليا في إيجاد حلول أكثر فاعلية للتعامل مع تداعيات النزاع السوري وتعزيز استقرار المنطقة.
في المقابل، ما زالت بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، متمسكة بموقفها الرافض للتطبيع مع النظام السوري. ألمانيا، التي كانت من بين أبرز منتقدي النظام السوري، تستمر في رفض التعامل المباشر مع الأسد بسبب استمراره في ممارسة الانتهاكات، بحسب تصريح متحدث باسم وزارة الخارجية، وترى برلين أن الأنجع هو استمرار الضغط من أجل تحقيق العدالة ومحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة منذ عام 2011. الموقف الألماني يظهر بوضوح مدى الانقسام المستمر داخل أوروبا حول كيفية التعامل مع الأزمة السورية.
تزايد الضغوط على اللاجئين السوريين
في وقت الحديث عن التحولات في المشهد السياسي، لا تزال التحديات الإنسانية التي يواجهها اللاجئون السوريون في الدول المجاورة تشكل قضية ملحة، وربما كان ذلك أيضاً مؤشراً جديداً على مرحلة جديدة قد تحمل عنوان التطبيع مع الأسد.
في تركيا، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين، يعاني هؤلاء من ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة، والتهديد الدائم بالترحيل، فضلاً عن ارتفاع حدة التوتر بين اللاجئين والمجتمعات المحلية، حيث تم تسجيل عشرات الحوادث والاعتداءات “العنصرية”.
في لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية وفراغ سياسي يؤثران بشكل كبير على القدرة على توفير الخدمات الأساسية للاجئين، يبدو الوضع أكثر تعقيداً، فبالإضافة إلى التحديات الاقتصادية، يتعرّض اللاجئون السوريون لاعتداءات وحوادث عنصرية ممنهجة.
أما في مصر، حيث يعيش عدد أقل من اللاجئين السوريين مقارنة بتركيا ولبنان، فإن الأوضاع ليست أقل صعوبة. يواجه اللاجئون صعوبات في الحصول على فرص عمل والخدمات الأساسية.
باختصار، يمكن القول إن المستجدات الأخيرة قد تعكس تغيراً في السياسات الإقليمية والدولية تجاه سوريا في إطار إعادة تعويم النظام السوري، في حين تظل أزمة اللاجئين السوريين من القضايا البارزة التي تحتاج إلى معالجة عاجلة، لكن، وبالنظر إلى تطور الأحداث خلال العقد الأخير، قد يكون فقدان الأمل في إيجاد حل للأزمة السورية بأبعادها المختلفة ضرباً من الواقعية لا التشاؤم، وخاصة في ضوء تصاعد التوتر في الشرق الأوسط على خلفية الهجوم الإسرائيلي على غزة.
