FPN – نوار الخطيب
شهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري تصعيداً أمنياً خطيراً خلال الفترة الممتدة بين 6 و 10 آذار 2025، حيث اندلعت مواجهات دامية بين مسلحين ينتمون للطائفة العلوية من أتباع النظام السابق، وقوات الأمن والجيش السوري من جهة أخرى، وتخللت هذه المواجهات هجمات مسلحة منظمة، ومجازر مروعة، وعمليات تصفية جماعية وتهجير قسري طالت مدنيين في عدة مناطق.
وعلى رغم شدة العنف واتساع رقعته، لم يُسجَّل حتى الآن أي تحرّك دولي فعّال لوقف تلك الجرائم، ما أثار مخاوف من تحول الساحل السوري إلى بؤرة صراع جديدة، علماً أن وزارة الدفاع أعلنت اليوم انتهاء المرحلة الثانية من الأعمال العسكرية، ومن المنتظر أن يعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة لمناقشة التطورات الأخيرة.
سياق الأحداث: من الهجمات المسلحة إلى المجازر
بدأ التصعيد الأمني مساء الأربعاء 5 آذار 2025، عندما شنّت مجموعات مسلحة هجمات متزامنة على عدة حواجز أمنية ونقاط عسكرية في محافظتي اللاذقية وطرطوس. وكانت أشدّ الهجمات في مدينة جبلة وريفها، حيث استُهدفت مواقع أمنية وعسكرية بعمليات مدروسة، ما يشير إلى مستوى عالٍ من التنظيم والتخطيط.
الردّ العسكري والأمني
ردت القوات الحكومية على الهجمات بشنّ حملات عسكرية وأمنية واسعة، تضمّنت:
قصف جوي ومدفعي على معاقل المسلحين في المناطق الجبلية.
مداهمات واعتقالات في اللاذقية وطرطوس، طالت العشرات من المشتبه فيهم.
فرض حظر تجوال شامل اعتباراً من 7 آذار في المدينتين.
اعتقال شخصيات بارزة، أبرزها اللواء إبراهيم حويجة، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الجوية، في جبلة.
المجازر وعمليات القتل الجماعي
بين 6 و 9 آذار، شهد الساحل السوري 39 مجزرة موثقة، سقط خلالها مئات المدنيين بين قتيل وجريح، ووقعت هذه المجازر نتيجة هجمات انتقامية طالت الأحياء السكنية، حيث لجأت القوات الحكومية والمجموعات المسلحة إلى التصفيات الميدانية، وعمليات ترقى إلى التطهير العرقي، واعترف رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بوقوع ما وصفها بالتجاوزات، وشكّل يوم أمس لجنة للتحقيق فيها، لكنه اتهم فلول النظام بقتل المدنيين، فيما تظهر عشرات المقاطع المصورة قيام مقاتلين من الفصائل التي انضوت تحت لواء الجيش السوري، ومنهم جهاديون أجانب، بأعمال تعذيب وإعدامات ميدانية على أسس طائفي.
ومن أبرز المناطق التي شهدت مجازر موثقة حارة القنيطرة – طرطوس، مدينة بانياس، حي الدعتور – اللاذقية، قرية الرملية، قرية الرصافة وريف مصياف.
حصيلة الضحايا المدنيين
حتى الآن لا يوجد إحصاء دقيق لأعداد الضحايا بسبب غياب التعطية الإعلامية وعدم السماح للمنظمات غير الحكومية بالعمل في تلك المناطق، بالإضافة إلى انقطاع الاتصالات، وهروب الآلاف إلى القرى المجاورة أو الأحراش في الأرياف، لذا يرى ناشطون أن الأعداد الحقيقية لضحايا العنف قابلة للزيادة، علماً أن الاشتباكات أسفرت أيضاً عن وقوع عشرات القتلى والجرحى من المسلحين وقوات الأمن والجيش، دون معرفة العدد الدقيق حتى الآن.
إجمالي عدد القتلى المدنيين 717 شخصاً بحسب مجموعة السلم الأهلي، بينهم أطفال ونساء، و973 شخصاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، توزعوا كالتالي:
التسلسل الزمني للخسائر البشرية (6 – 10 آذار)
| التاريخ | اللاذقية | طرطوس | حماة | حمص | المجموع اليومي |
| 6 آذار | – | – | – | 1 | 1 |
| 7 آذار | 98 | 62 | – | – | 160 |
| 8 آذار | 227 | 55 | 79 | 5 | 366 |
| 9 آذار | 194 | 103 | 6 | – | 303 |
| 10 آذار | 26 | 42 | 71 | 4 | 143 |
| الإجمالي | 545 | 262 | 156 | 10 | 973 |
إجلاء المدنيين وسط تصاعد العنف
في ظل أعمال العنف المتصاعدة، نفذت فرق الدفاع المدني السوري عمليات إجلاء لعشرات العائلات من بانياس واللاذقية، وسط استمرار القصف والاشتباكات. كما شارك الهلال الأحمر العربي السوري في عمليات انتشال الجثث ونقلها إلى الطبابة الشرعية.
التداعيات المحتملة
تصاعد عمليات التهجير القسري، خاصة من المناطق التي شهدت أعنف الهجمات مثل بانياس، طرطوس، واللاذقية.
وقوع مزيد من المجازر، في ظل غياب أي حلول سياسية أو تدخل دولي فعّال.
استمرار عمليات الإعدام الميداني، حيث تشير التقارير إلى أن القتل الجماعي يُنفذ بشكل ممنهج.
زيادة التوتر الطائفي، مما قد يوسع نطاق الصراع ليشمل مناطق جديدة.
يتطلب الوضع تحركاً عاجلاً من قبل المنظمات الحقوقية والجهات الدولية لوقف سفك الدماء وضمان حماية المدنيين، قبل أن تتفاقم الكارثة الإنسانية وتتحوّل إلى مأساة يصعب احتواؤها.

4 فكرت في “تقرير أولي عن أعمال العنف في الساحل السوري”