وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً وإصابة أكثر من 783 آخرين في محافظة السويداء، جنوبي سوريا، منذ 13 تموز الجاري، في حصيلة غير نهائية للتصعيد المتصاعد الذي يشمل اشتباكات عنيفة، وعمليات قتل خارج إطار القانون، وقصفاً متبادلاً، بالإضافة إلى هجمات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
التقرير ذكر أن من بين الضحايا 17 امرأة و11 طفلاً، وستة من الكوادر الطبية، بينهم ثلاث نساء، إلى جانب إعلاميين اثنين. كما شملت الحصيلة مقاتلين من مجموعات عشائرية ومحلية مسلّحة، بالإضافة إلى عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية.
الشبكة أشارت إلى أنها لا توثق مقتل المسلحين المنتمين لمجموعات خارجة عن سيطرة الدولة في حال قضوا خلال الاشتباكات، نظراً لعدم اعتبار ذلك انتهاكاً لحقوق الإنسان.
نزوح جماعي وانهيار إنساني
تشهد السويداء منذ نحو عشرة أيام تدهوراً واسع النطاق في الوضعين الإنساني والخدمي، حيث أدت الاشتباكات المسلحة إلى نزوح ما لا يقل عن 93 ألف مدني، وفق تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). وفرّ معظمهم من المدينة ومناطق الريف الشمالي والغربي باتجاه ريف درعا الشرقي ومحيط الحدود السورية الأردنية، وسط ظروف إنسانية شديدة القسوة وغياب الحد الأدنى من مقومات الحماية والرعاية.
أفادت مصادر ميدانية بحدوث انهيار شبه كامل في البنية التحتية الأساسية، حيث سُجّل انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات والإنترنت منذ أكثر من ستة أيام، ما تسبّب في عزلة معلوماتية حرمت السكان من طلب المساعدة. كما توقفت معظم الأفران والمحال التجارية عن العمل، في ظل نقص حاد في المواد الغذائية ومياه الشرب.
في القطاع الصحي، خرج المشفى الوطني في السويداء عن الخدمة، نتيجة انقطاع الكهرباء ونفاد الأدوية، مع توثيق وجود جثامين متحللة داخله بسبب تعطل وحدات التبريد. كما يعمل مشفى صلخد بطاقته الدنيا وسط تهديد بالتوقف الكامل.
تعثّر إيصال المساعدات الإنسانية
رغم الإعلان عن تجهيز قوافل طبية وإغاثية من قبل وزارات حكومية والهلال الأحمر العربي السوري، لا تزال الاستجابة تواجه تحديات كبيرة بسبب الأوضاع الأمنية، واستمرار الاشتباكات والغارات الجوية الإسرائيلية. كما تسبب قرار الزعيم الروحي حكمت الهجري برفض دخول الوفد الحكومي المرافق للقوافل، في عرقلة وصول جزء كبير من المساعدات.
كما تعرضت فرق الهلال الأحمر لانتهاكات متكررة، شملت إطلاق نار على سيارات إسعاف واعتداءات على متطوعين، إضافة إلى خطف رئيس مركز الدفاع المدني في المحافظة، واحتراق أحد المستودعات الإغاثية. وتمكنت بعض القوافل من إيصال جزء محدود من المساعدات، في ظل غياب ضمانات لاستمرارية وسلامة العمليات الإغاثية.
وصف التقرير الوضع الإنساني في السويداء بأنه كارثي، مع استمرار الانتهاكات التي تطال المدنيين، ووجود جثث في الشوارع لم تُنتشل حتى لحظة إعداد البيان، ما يشكل انتهاكاً صارخاً للحق في الحياة والكرامة الإنسانية. وطالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية بضرورة التدخل العاجل لضمان حماية المدنيين واستعادة الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
